نحن الآن، عمليا، نمر بمرحلة “الواقع الافتراضي” التي ستكتمل تماما عندما يبتلع هذا الواقع الافتراضي، الواقع العادي والتقليدي. وستبدأ مرحلة ما بعد الواقع الافتراضي، والتي يمكن أن نطلق عليها بجدارة “الواقع الرقمي”. وفي الحقيقة هذه المرحلة – مرحلة الواقع الرقمي –
بدأت مع صعود مرحلة “الواقع الافتراضي”. ولكن ازدهار مرحلة “الواقع الرقمي” ستبدأ عمليا عندما تختفي “العُمْلَة” ويصبح التعامل بالكروت هو المعتاد والطبيعي والأمر الذي ليس له بديل. وهذا يعني، شئنا أم أبينا، وجود سيطرة كاملة على تصرفات وسلوكيات البشر بقيادة “الذكاء الصناعي” الذي سيدير العالم وسيدير كل العمليات المالية والاقتصادية والإدارية والتنظيمية في العالم كله. هذا الأمر سيستدعي ترقيم البشر كنتيجة حتمية لعملية التطور المذهلة ووضع شريحة في مكان ما من أجسادهم وربطها بالمركز الذي يديره “الذكاء الصناعي”.
أثناء تشكل هذا المشهد المستقبلي، سيمر المجتمع البشري بمرحلة انتقالية، ربما نكون قد بدأناها عمليا، ألا وهي انقسام البشر إلى ثلاث فئات.
الفئة الأولى، هي الفئة التقليدية من رجال ونساء يتزاوجون وينجبون بالشكل التقليدي.
الفئة الثانية، هي فئة الرجال والرجال الذين يتزاوجون وينجبون بطرق علمية وطبية.
الفئة الثالثة، هي فئة النساء والنساء اللاتي يعشن ويتزوجن وينجبن بنفس الطرق السابقة.
هناك فئات اجتماعية، وحكومات، بدأت منذ زمن تعترف بعلاقات الرجال والرجال، والنساء والنساء. بدأ تقنين هذه العلاقات وسط رفض وقبول متفاوتين من المجتمع. ولكن العملية تسير إلى الأمام وتتطور. فهناك فئات اجتماعية تقف عند الاعتراف بحرية الرجال مع الرجال، والنساء مع النساء. وهناك فئات أخرى تتجاوز ذلك، ولكنها تقف عند تقنين هذه العلاقات في زواج رسمي. وهناك فئات ثالثة تجاوزت المرحلتين السابقتين، ولكنها تقف عند إنجاب أطفال للرجال والرجال، والنساء والنساء. البعض من هذه الفئة الثالثة يرى أن هؤلاء الأطفال سيكون لديهم مشاكل وأزمات وكوارث لأنهم سيدركون مع الوقت والحياة في المجمع العام أنهم مختلفون وغير طبيعيين، بينما البعض الآخر يرى أنه لن تكون هناك أي مشاكل أو أزمات أو كوارث، لأن الأطفال سيتربون في مجتمع مختلف “رجال ورجال” أو “نساء ونساء”. ولكن البعض الثالث وهذا هو الأهم يرى أن هؤلاء الأطفال سيعيشون في المجتمع العام الذي سيكون قد اكتسب حجم إدراك ومعرفة جديدة وكبير وشكل من أشكال التطور والتحضر يسمحان له بطرح نفسه كمجتمع متعدد الفئات “رجال ونساء” و”رجال ورجال” و”نساء ونساء” بدون أي تفرقة أو تمييز أو عنصرية أو إدانات أخلاقية.
ببساطة ستتطور القوانين، وستظهر صياغات أخلاقية جديدة مناسبة لشكل المجتمع وجوهره. وستكون الشرائح الموجودة في أجساد أفراد المجتمع البشري هي قنوات تواصل رقمية بين المركز “الذكاء الصناعي” وبين عناصر المجتمع التي تعيش في سلام وأمان وفق قوانين صارمة، وعلى أساس منظومات أخلاقية بعيدة عن الخلافات الدينية والعقائدية والمذهبية، وتلك التي تتعلق بالنوع واللون والجنس. وسيكون الحب وممارسة الجنس لا علاقة لهما إطلاقا بالنوع بقدر علاقتهما بالقبول والتوافق والقدرة على تحقيق الخيال والتصورات والفنتازيا…. هذا طبعا إذا كان “الذكاء الصناعي”، الذي يدير العالم ويتحكم فيه ويرصد كل دقائقه وأسراره بل ويحركه أيضا في الكثير من المجالات، سيترك لنا مجالا للفنتازيا والخيال والأحلام. والأهم من كل ذلك أن لا يتمرد “الذكاء الصناعي” ويخرج عن البرامج التي وُضِعَت له في السابق، ويبدأ بالاستغناء عنها وعن مَنْ وضعوها، ويتصرف بشكل ذاتي تماما ومن “رأسه” هو…